س: ما حكم اكتشاف عيب في المبيع بعد شرائه؟


الإجابة ( للدكتور مؤيد حطاب):

عرفت مجلة الأحكام العدلية العيب في المادة 339  بأنه: "ما ينقص ثمن المبيع عند التجار وأرباب الخبرة". ويؤخذ على التعريف بأنه ركز على الأثر المترتب على العيب الخفي وليس على المقصود من العيب ذاته. حيث ان المجلة ربطت بين العيب والقيمة الاقتصادية، وبالتالي اخرجت من معنى العيب هدف المشتري اي الغرض الذي من اجله اشترى المبيع او منفعة المبيع. ومن هنا نجد ان قانون حماية المستهلك قد عالج هذا الخلل فنص صراحة على حق المستهلك في العيب في حال عدم مطابقة المبيع للمراد منها "..سواء المواصفات المتفق عليها أو المعمول بها أو للغرض الذي من أجله تم الاستحصال عليها". (المادة 3 فقرة 8 من قانون حماية المستهلك رقم (21) لسنة 2005م، والذي ورد فيها: "يتمتع المستهلك بالحقوق الآتية .... 8- استبدال السلعة أو إصلاحها أو استرجاع ثمنها وكذلك استرداد المبالغ التي يكون سدادها لقاء خدمة في حال عدم مطابقتها لدى استعمالها بشكل سليم سواء المواصفات المتفق عليها أو المعمول بها أو للغرض الذي من أجله تم الاستحصال عليها.")

 

الا اننا نجد في نص المادة 336 من المجلة اشتراط ان يكون المبيع في عقد البيع خاليا من اي عيب، حيث نصت على انه: "لبيع المطلق يقتضي سلامة المبيع من العيوب يعني أن بيع المال بدون البراءة من العيوب وبلا ذكر أنه معيب أو سالم يقتضي أن يكون المبيع سالماً خالياً من العيب". وهو ما يتفق مع قانون حماية المستهلك كما تقدم نصه.

والمقصود بضمان العيوب الخفية، وجوب قيام البائع بتسليم المشتري الشيء المبيع خالياَ من العيوب التي تقلل من قيمته أو من نفعه , حيث يهدف المشتري بموجب عقد البيع أن ينتفع بالمبيع بصورة مفيدة , وهذا يلقي على عاتق البائع التزاماَ بضمان العيوب الخفية التي تنقص من قيمة المبيع أو نفعه , وتجعله غير صالح لتحقيق الانتفاع المقصود منه .

 

وهذا المفهوم للعيب، الذي يجمع بين الخلل في القيمة الاقتصادية، والغرض من المبيع،  يتوافق مع المادة 20 من قانون حماية المستهلك التي ذكرت انه: "على كل مزود ضمان العيوب الخفية التي تنقص من قيمة السلعة أو الخدمة نقصاً محسوباً أو تجعلها غير صالحة للاستعمال فيما أعدت إليها وفقاً لطبيعتها أو لأحكام العقد". وبالتالي فالعيب ضمن هذا النص غير مقتصر على المنقولات بل يشمل ايضا الخدمات.

 

يشترط في العيب حتى يضمنه البائع أن يكون خفياً، وأن يكون مؤثراً، وأن يكون قديماً، وأن يكون غير معلوم للبائع، المواد  (336 – 346 ) من مجة الاحكام والمواد (2) و (20) من قانون حماية المستهلك)

 

وفي حال اكتشاف العيب فيحق للمشتري رد المبيع، او انقاص ثمنه، واذا رفض البائع فيقوم المشتري برفع دعوى الضمان. فيكون الاخطار الموجب للضمان خلال مدة معقولة، وإذا لم يقم بإخطار البائع رغم اكتشافه للعيب فيكون بمثابة قبول ضمني بهذا العيب( المادة (343) مجلة).  ولو حدث عيب للمبيع عند المشتري، وتبين للمشتري ان هناك عيب قديم فلا يملك عندها المشتري ان يرد المبيع، الا انه يستطيع ان يطالب بنقصان الثمن ( المادة 345 مجلة:" لو حدث في المبيع عيب عند المشتري ثم ظهر فيه عيب قديم فليس للمشتري أن يرده بالعيب القديم بل له المطالبة بنقصان الثمن فقط.."). فمثلا "لو اشترى ثوب قماش بستين قرشاً وبعد أن قطعه وفصله اطلع المشتري على عيب قديم فيه فقوم أهل الخبرة ذلك الثوب.. سالماً ثمانون قرشاً ومعيباً ستون قرشاً فبما أن التفأوت الذي بين القيمتين عشرون قرشاً وهي ربع الثمانين قرشاً فللمشتري أن يطالب بخمسة عشر قرشاً التي هي ربع الثمن المسمى ولو اخبر أهل الخبرة أن قيمة ذلك الثوب سالماً خمسون قرشاً ومعيباً أربعون قرشاً فبما أن التفأوت الذي بين القيمتين عشرة قروش وهي خمس الخمسين قرشاً يعتبر النقصان خمس الثمن المسمى وهو اثنا عشر قرشاً". (المادة (346) مجلة)

 

ولكن اذا ظهر عيب جديد عند المشتري وتبين له ان هناك عيب قديم، ثم زال العيب الحادث او الجديد، فيمكن للمشتري عندها رد المبيع للبائع، (المادة 347 مجلة: " إذا زال العيب الحادث صار العيب القديم موجباً للرد على البائع..")، او المطالبة بنقصان الثمن. (المادة 350 مجلة: " إذا وجد مانع للرد فليس للبائع أن يسترد المبيع ولو رضي بالعيب الحادث بل يصير مجبراً على إعطاء نقصان الثمن حتى أنه بهذه الصورة لو باع المشتري المبيع بعد إطلاعه على عيب قديم فيه كان له أن يطلب نقصان الثمن من البائع ويأخذه منه. مثلاً أن مشتري الثوب لو فصل منه قميصاً وخاطه ثم اطلع على عيب قديم فيه ليس للبائع أن يسترده ولو رضي بالعيب الحادث بل يجبر على إعطاء نقصان الثمن للمشتري ولو باع المشتري هذا الثوب أيضاً لا يكون بيعه مانعاً له من طلب نقصان الثمن. وذلك لأنه حيث صار ضم الخيط الذي هو من مال المشتري للمبيع مانعاً من الرد وليس للبائع في هذه الحالة استرداد المبيع مخيطاً فلا يكون بيع المشتري حينئذ حبساً وإمساكاً للمبيع"). فمثلاً "لو اشترى حيواناً فمرض عند المشتري ثم أطلع على عيب قديم فيه ليس للمشتري رده بالعيب القديم على البائع بل يرجع عليه بنقصان الثمن. لكن إذا زال ذلك المرض كان للمشتري أن يرد الحيوان للبائع بالعيب الذي ظهر فيه". ( المادة 347 مجلة)

 

واذا تصرف المشتري بالمبيع تصرف الملاك، كان يقوم ببيعه او عرضه للتجاره، وهو على علم بالعيب فيكون اسقط حقه في ضمان العيب. المادة 334 مجلة: "بعد اطلاع المشتري على عيب في المبيع إذا تصرف فيه تصرف الملاك سقط خياره...".).  فمثلا ً "لو عرض المشتري المبيع للبيع بعد اطلاعه على عيب قديم فيه كان عرض المبيع للبيع رضى بالعيب فلا يرده بعد ذلك". (المادة (334) مجلة. انظر ايضا الماده (349) مجلة).

كذلك إذا ظهر عيب جديد وتبين للمشتري وجود عيب قديم، ثم زال العيب الجديد، ومع ذلك لم يقم المشتري برد المبيع، أو قام ببيعه، بالرغم انه لا يوجد ما يمنعه من رد المبيع، فليس له أن يطالب بنقصان الثمن، لأنه كان بإمكانه رد المبيع ولم يفعل. ( المادة 348 مجلة: "إذا رضي البائع أن يأخذ المبيع الذي ظهر به عيب قديم بعد أن حدث به عيب عند المشتري وكان لم يوجد مانع للرد فلا تبقى للمشتري صلاحية الإدعاء بنقصان الثمن بل يكون مجبوراً على رد المبيع إلى البائع أو قبوله حتى أن المشتري إذا باع المبيع بعد الإطلاع على عيبه القديم فلا يبقى له حق بان يدعي بنقصان الثمن مثلاً لو أن المشتري قطع الثوب الذي اشتراه وفصله قميصاً ثم وجد به عيباً وبعد ذلك باعه فليس له أن يطلب نقصان الثمن من البائع لان البائع له أن يقول كنت أقبله بالعيب الحادث فبما أن المشتري باعه كأن قد أمسكه وحبسه عن البائع".)

 

وإذا هلك المبيع بقوة قاهرة أو بفعل المشتري فلا يستطيع المشتري فسخ العقد أو رد المبيع. إلا أنه إذا قام المشتري برفع دعوى الضمان قبل هلاك المبيع، فالأصل أنه يستمر بالدعوى ولا أثر للهلاك إذا ما تحققت شروط الدعوى قبل الهلاك.


عدد القراءات: 28947