إعداد: منار محمد طلب حلبي
اشراف: د. بهاء الأحمد

 

ملخص البحث:
يقوم هذا البحث بدراسة وتحليل ظاهرة الواسطة في الواقع الفلسطيني ومحاولة اظهار مواطن القوة والضعف في الجهود الفلسطينية التشريعية والمؤسساتية في هذا الشأن للوقوف على آخر مستجدات هذه الظاهرة ، والوصول الى حقيقة حجم الواسطة في المجتمع الفلسطيني واذكاء الوعي بمدى تداعيات هذه الظاهرة ،والوصول لأنجح الطرق في تقليص ومحاصرة هذه الظاهرة, وبيان أن الواسطه جريمه يجب معاقبه مرتكبها ومكافحتها بشكل كامل ونهائي .

وتتلخص مشكلة البحث في معالجة وجود الواسطة واستشرائها في المجتمع الفلسطيني وما ينتج عنها من آثار سلبية على الأفراد والمجتمع وعدم وجود نص صريح يجرمها، حيث سيبين الباحث مدى قدرة التشريعات القائمة والأجهزة المعنية في محاصرة ظاهرة الواسطة في الواقع الفلسطيني، خصوصاً في ظل حالة من عدم الاستقرار القانوني.  


المقدمة:
 ان شعار القانون هو الميزان ويرمز الى العدل والمساواه فإذا الله سبحانه عز وجل لم يفرق بيننا بالجنس أو العرق أو الديانة أو الشكل أو اللون...( وجعل ميزان التفاضل بين البشر بالتقوى), فمن نحن لنسلب حق بعضنا!!! وبشكل غير مشروع ودون وجه حق وكل هذا وذاك عائد لوجود ظاهرة غير مشروعة ألا وهي " الواسطة ". 
أن بعض الأمور والوقائع في حياتنا اليومية لم يتطرق لها المشرع على الرغم من أن لها أثر واسع في المجتمع وعلى رأسها الواسطة ونجد أن هذه الظاهرة منتشره بشكل كبير ولها العديد من التداعيات والأسباب وفي غياب المساءلة والمتابعة فإنها في تزايد مستمر, ولذلك يتساءل الباحث عن عدم معاقبة مرتكبي هذه الجريمه حيث أن المشرع لم يتطرق لتجريم هذه الظاهرة ولم يفرض عقوبة بحق مرتكبينها بشكل واضح وصريح فمعذرةً ايها القانون أني احترمك وأجلك أني لا انتقدك كمعنى ولكنني انتقدك كنص ومبنى. 
 ويمكن القول أن ظاهرة الواسطة في تولية الوظائف الحكومية أو غير الحكومية هي ظاهرة ارتبط اجراءات التعيين فيها بحسب أهمية الأفراد والعلاقات الشخصية مع القيادات وعوامل القرابة والعشائرية وتجاهل طبيعة القوة البشرية اللازمة وعددها من ناحية وعدد الشواغر الفعلية المرتبطة بالاهداف من ناحية أخرى مما أدى الى تضخم الكادر البشري العامل في القطاع العام الفلسطيني.
واستخدام الواسطة يؤدي الى ظلم شريحة كبيرة في المجتمع الفلسطيني وهذا بدوره يؤدي الى سخط المظلومين على من ظلمهم ثم يتطور ذلك الشعور حتى يحدث نتائج سلبية ومنها الهجره وعزوف الكثير من أبناء المجتمع عن التعليم .
منهج البحث :
سيتبع الباحث في هذا البحث المنهج الوصفي ، إذ سيوصف ظاهرة الواسطة في مؤسسات السلطة الفلسطينية و الواقع الفلسطيني ضمن تنظير ينقلها من أنشطة وعمليات إلى إطار نظري، ثم سيحلل هذه الظاهرة واختلافها عن الأعمال التي تختلط بها , بالإضافة إلى تحليل ومناقشة التشريعات الفلسطينية الباحثة في الموضوع , واستعمال الصراحة مع أنفسنا والشفافية في أعمالنا يجعلنا نتقدم نحو إستراتيجية شعبية وتشريعية ومؤسساتية لمحاصرة هذه الظاهرة . 
أهمية البحث:
إذا كان الفساد أعظم الكبائر في القطاعات الحكومية فالواسطة أم الفساد في الواقع الفلسطيني ، وبعد تعالي الأصوات التي تطالب بالإصلاح الإداري والمالي داخل المؤسسات الفلسطينية _خصوصاً بعد التوجه لإقامة دولة فلسطينية _ فيحاول الباحث وضع الحلول المقترحة لمعالجة القصور في التشريعات الفلسطينية , علماً بان التشريعات الباطنه بهذا الشأن لا تساير الأوضاع القانونية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تمر بها مرحلة الدولة ، والعناية بالجانب القانوني تمثل جزءاً من هذا الإصلاح وبالتالي الحد من هذه الواسطة .
هدف البحث:
تتمثل أهداف الباحث في دراسته في مناقشة وتحليل ظاهرة الواسطة في الواقع الفلسطيني ومحاولة اظهار مواطن القوة والضعف في الجهود الفلسطينية التشريعية والمؤسساتية في هذا الشأن للوقوف على آخر مستجدات هذه الظاهرة ، والوصول الى حقيقة حجم الواسطة في المجتمع الفلسطيني واذكاء الوعي بمدى تداعيات هذه الظاهرة ،والوصول لأنجح الطرق في تقليص ومحاصرة هذه الظاهرة, وبيان أن الواسطه جريمه يجب معاقبه مرتكبها ومكافحتها بشكل كامل ونهائي .
ولقد قام الباحث بهذا البحث لمعالجة ما يراه أساس وبداية انطلاق اساسيه في معالجة أي مشاكل قد تجوب من حولنا أو يتعرض لها المجتمع ككل أو على المستوى الشخصي ، حيث وبكل تأكيد اذا لم تكن النواه في ذلك هي الواسطه فلا شك أن لها اثر فيها ولو في نهايتها ولا أريد أن اعمم فلا يوجد شيء مطلق بل نسبي, ولكن المتأكد منه الباحث وهو أن لها غالبيه عظمى. 
 أسئلة البحث: 
•    لماذا لم يتم تجريم الواسطة بنص صريح ؟ 
•    ما هي الإستراتيجية في مواجهة الواسطة أو تقليصها ؟
•    ما موقف المشرع الفلسطيني من ظاهرة الواسطة ؟
•    ما مدى استشراء الواسطة في الواقع الفلسطيني ؟
•    ما هو السبيل في مكافحة الواسطة والحد من انتشارها ؟

مشكلة البحث :
وجود الواسطة واستشرائها في المجتمع الفلسطيني وما ينتج عنها من آثار سلبية على الأفراد والمجتمع وعدم وجود نص صريح يجرمها، حيث سيبين الباحث مدى قدرة التشريعات القائمة والأجهزة المعنية في محاصرة ظاهرة الواسطة في الواقع الفلسطيني , خصوصاً في ظل حالة من عدم الاستقرار القانوني.  
ونحن نعلم أنه "لاجريمة ولا عقوبة من غير نص" لذلك سوف يقوم الباحث بإذن الله تعالى     بالبحث في كافة النصوص القانونية وبيان المقصود منها لإيجاد أي ثغرة كانت في تجريم هذه الظاهرة, وبذل أقصى مجهود لمحاولة السيطرة عليها اذا لم يتمكن من القضاء عليها .
محددات البحث:
لقد قام الباحث بالاستعانة بقانون مكافحة الفساد رقم (1) لسنة 2005 , وقانون العقوبات الفلسطيني رقم (16) لسنة 1960 ، والمراجع المتخصصة ورسائل الماجستير وكما سيستعين بصفحات الشبكة العنكبوتية وكافة المنشورات والتقارير واللقاءات وحتى الاستبيانات والاراء ووجهات النظر، حيث سيقوم الباحث بالتوثيق حسب الأصول .
مجتمع البحث:
من الموظفين ومن الحالات التي تستخدم الواسطه أو التي فقدت حقها لعدم امتلاكها هذه الواسطه (فيتامين و) .
خطة البحث:
لقد قام الباحث بتقسيم البحث إلى مبحثين يبحث في الأول عن واقع الواسطة في مؤسسات السلطة الفلسطينية من خلال تقسيمه الى مطلبين يتناول في الأول ماهيه الواسطه  و الثاني مدى استشراء الواسطة في الواقع الفلسطيني (حجم الواسطه) على التوالي .
وأما المبحث الثاني  فيتحدث عن الواسطة في الواقع الفلسطيني دور القانون وسبل مكافحتها حيث قسم الباحث هذه الدراسة الى مطلبين يخصص الأول في دور المنظومة القانونية في مكافحة الواسطة واما الثاني البنى المؤسسية المعنية في مكافحة الواسطة وحيث أن الباحث سوف يختتم البحث بتقديم النتائج التي توصل اليها وتقديم التوصيات بناءاً على النتائج . 
تمهيد:
يعتبر الفساد ظاهرة اجتماعية قديمة من حيث وجودها الاَ انها تعتبر جديدة من حيث انتشارها الواسع لذلك تجدر الاشارة الى التعرف الى ماهيه الفساد. 
تعريف الفساد
تعددت اراء الفقهاء وشراح القانون في وضع معنى واضح وشامل للفساد ,ولعل البدء بالمفاهيم اللغوية يساعد على الانطلاق في تفسير معنى الفساد ,اذ تعني كلمه الفساد في معاجم اللغة " فسد" بعكس "صلح" أي بمعنى البطلان فيقال فسد الشيء أي بطل واضمحل . 
 يرى البعض ان الفساد خروج عن القانون والنظام أي عدم الالتزام بهما أو استغلال غيابهما من اجل تحقيق عدة مصالح سواء كانت سياسية  او اجتماعية او اقتصادية لفرد أولجماعة . 
 اما نشطاء حقوق  الانسان فقد اعتبروا الفساد خرق من نوع خاص لحقوق الانسان يصل الى نفي مبدأ اساسي من مبادئ حقوق الانسان وهو المساواة. 
وقد عرفه(1) المجلس بأنه "خروجاً عن احكام القانون أو الانظمة الصادرة بموجبه أو مخالفه السياسات العامة المعتمدة من قبل الموظف العام بهدف جني مكاسب له أو لاخرين ذوي علاقة أو استغلال غياب القانون بشكل واعٍ للحصول على هذه المنافع". 
  وبالرغم من تعدد التعريفات حول هذا المفهوم الا ان هناك اتفاقاً دولياً على تعريف  الفساد كما عرفته منظمة الشفافية الدولية بأنه "كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة.
 بكلمات اخرى يعتبر الفساد اعتداء على حقوق المواطن التي تضمنتها الشرائع الدينية والقانون الدولي الانساني والقوانين الوطنية ويمكن النظر اليه بمثابه الداء المعدي الذي يبدأ من الفرد ليعم على المجتمع كافة.
مظاهر الفساد 
على الرغم من تعددها ولكن يمكن اجمالها بما يلي :
1-الرشوة (Bribery): وهي تعني الحصول على اموال أو اية منافع من اجل تنفيذ عمل او الامتناع وتعني عمل مخالفةً للأصول , ويحتاج حدوث الرشوة الى وجود طرفين (الراشي _الذي يعطي الرشوه والمرتشي _الذي ياخذ الرشوة) وقد تتنوع مسميات الرشوه ومسمياتها في محاولة للتخفيف من وقعها ,فقد تكون مقابل خدمة عادية وقد تتخذ مسميات متعدة  غير الرشوة كالهدية  والتقدير والشكر وقد تحتسب من قيمة التكاليف. 
2- المحسوبية والمحاباة والواسطة: و لا اريد التفصل في الحديث عن هذا المظهر واشكاله لانه سيأتي تفصيله لاحقا .
اسباب الفساد
للفساد أسباب كثيرة ومتنوعة ومعقدة ومتداخلة ,ويمكن ايجاز اهم أسباب نمو ظاهرة الفساد بالاتي( ) :
1.    غياب سيادة القانون  فعند غياب سيادة القانون تنتهك الحقوق والحريات وايضاً يختل التوازن بين السلطات الثلات التشريعة والتنفيذية والقضائية.
2.    الصلاحيات الواسعة للمسؤلين وعدم مساءلتهم .   
3.    ضعف الأخلاقيات الوظيفية للعمل الحكومي ,وغياب مفهوم المساءلة العامة
4.    التغاضي عن معاقبة المسؤولين المتهمين بالفساد واستغلال المنصب العام .
5.    ضعف اجهزة الرقابة في الدولة وعدم استقلاليتها.
6.    انخفاض الأجر الرسمي للموظفين الحكوميين.
7.    استخفاف افراد المجتمع بالقوانين المعمول بها في مختلف المجالات .
اثار الفساد 
    يساعد  الفساد على انتشار الجريمة في المجتمع  وانهيار روح الابداع  ويتراجع  الاهتمام بالصالح العام والانتماء للامة  ويولد الحقد بين افراد المجتمع  وهنا لا بد من ملاحظه ان اكثر افراد  المجتمع تضرراً من الفساد هم الفقراء  والفئات المهمشة والمبدعون  الفساد يفسد  ابادعهم وتميزهم  وقد يؤدي الى منح فرصهم لغيرهم  لمن هم اقل منهم ابداعاً.
الفساد يشكل عائقاً امام النمو الاقتصادي  اذ انه يؤدي الى زياده تكاليف النشاط الاقتصادي وهروب المستثمرين ويؤدي الى تخفيض  عائدات الحكومة من السلع  والخدمات الاساسية  واعاقة الاداره الماليه السليمة وهو يولد فكره عدم سياده القانون . 
  وتشير عده دراسات ان الدول التي تحترم سياده القانون وتسود بها الشفافية واليات قويه عن حريه التعبير عن الرأي  والمسائلة تتمتع بمستويات اقل من الفساد ومستويات اعلى  من اجمالي الناتج المحلي1 .
الفساد يؤدي الى ظهور ما يسمى بالنفاق السياسي بسبب شراء الذمم والولاءات السياسية  ويؤثر على مدى تمتع النظام السياسي بالديمقراطيه  وقدرته على احترام حقوق الانسان واهم تلك الحقوق تكافؤ الفرص والحق في المساواه (1).

 المبحث الأول: واقع الواسطه في مؤسسات السلطة الفلسطينية
قبل أن نبحث في القانون عن تجريم الواسطه بنص يجرمها ام لا!!! وماهي العقوبه على ذلك؟ لا بد لنا ان نعرف ماهو تعريف الواسطه والمحسوبيه والمحاباه حتى نستطيع تمييزها والوصول الى هدفنا,
المطلب الأول: ماهيه الواسطة 
لقد جاء في القانون(1) الماده رقم 1 تعريف ما يلي :
الواسطة : تعني التدخل لصالح فرد ما أو جماعة ما دون الالتزام بأصول العمل والكفاءه مثل تعيين شخص في منصب معين لأسباب تتعلق بالقرابة أو الانتماء الحزبي رغم كونه غير كفء. 
وأن هذه الظاهره منتشره ((2 بشكل كبير حيث العديد الموظفين  يشيرون الى الدور البارز لهذه الظاهره في الحصول على الخدمات العامه , وأكثرها عرضه لهذا الفساد الأحزاب السياسيه (3). 
والواسطة أو المحسوبيه أو محاباه الاقارب تعني تفضيل الاقارب او الاصدقاء الشخصيين بسبب قرابتهم وليس كفائتهم , وهذا ما يسمى بالازدراء . فمثلاً اذا قام المدير بتعيين أحد أقربائه أو ترقيته وتفضيله على شخص آخر اكفأ منه .
ولم تتخلص الدول المتقدمه(1) من"الواسطة" بشكل كامل الا انها استطاعت أن تبني نظماً ادارية سليمة , تكاد أن تكون خاليه من المحسوبيات وتنعدم فيها امكانية تشكيل مراكز للقوى , التي عادة تكون على حساب مفهوم المؤسسسة , عبر منظومة أخلاقية وتربويه متكاملة , الامر الذي مكنها من الرقي والنهوض حيث تصون الانسان وتحترم حقوقه , معاكس تماماً لما هو لدينا في دولنا العربية , حيث ما زالت مجتمعاتنا مقيده بما هو من عادات وتقاليد واحزاب وانتماءات سياسيه حيث انها تلتزم بالانتماء لهذه الاحزاب والولاء للعشيره على حساب الانتماء الوطني , حيث تشوه مفهوم المواطنه وأفقده مضمونه الحضاري .
لقد أصبحت الواسطه والمحسوبيه جزء من حياتهم تسير لهم أعمالهم ولا يستطيعون العيش من دونها , حيث انه لا تجد من يذمها أو يستنكرها بل على العكس يتباهون بها فتجد في مجلس معين على سبيل المثال: شخص يتباهى بمعرفته للوزير الفلاني وأنه أخرجه من جريمه ارتكبها ولولا الواسطه لكان الان في السجن! وايضا تجد الأمثال متجاوبه مع هذه الثقافه فيقول المثل العربي "اللي ماله كبير يدور على كبير " . 
فاذا كانت الواسطة موجوده في الدول المتقدمه كما ذكرنا سابقاً الا انها على نطاق ضيق حيث انها تستخدمها في تعيين الاشخاص ذوي الكفاءه والاستحقاق لكنهم يفتقدون لمن للعلاقات والدعم , بينما في مجتمعاتنا العربيه فإن الواسطة والمحسوبية  مفهوم منتشر وأسلوب حياه منتشر وخاصه لمن هم يبحثون عن حلول سريعه وسهله , حيث يصبح معرفة مسؤول معين حق مكتسب حيث انه من خلال هذه المعرفه أو القرابه يحصل على ما يريده وحتى ولو كان ليس من حقه أو تجاوز للقانون ,هي لا تقتصر على عدم توظيف الشخص المناسب في المكان المناسب بل وانها تقلب الباطل الى حق أو الدفاع عن المجرمين حيث انها تعطل وقد تهدم البناء وتقتل اي امل في البناء .
حيث أن لهذه الظاهره أسباب وعوامل أدت الى انتشارها (1):
1-    قلة وعي المواطن بمفهوم الواسطة والمحسوبية وأثارها ونتائجها المجتمعة واعتبارها شكل من أشكال المساعدة وبالتالي لا ينظر اليها من المنظور السلبي.
2-    قلة ثقة المواطن بالمؤسسات العامة ونزاهة الاجراءات وشفافيتها وعدالتها .
3-    عدم اهتمام المواطن بالابلاغ عن مشاهدته لممارسات الواسطة والمحسوبية والمحاباة .
4-    الفقر والبطالة وقلة فرض التوظيف .
5-    تغليب الولاء القبلي والعائلي والحزبي على الولاء للوطن ومصلحة المواطنين في تقديم الخدمات العامة.
6-    الفساد الثقافي/ الاجتماعي الذي يصيب هيكل العلاقات الاجتماعيه والقيم والمعايير السلوكية, حيث انه يمثل أخطر أنواع الفساد على الاطلاق, ومن الامثله عليه الفساد الذي يرتبط بالواسطة والمحسوبية. 
7-    عدم وضوح الاجراءات والانظمة المتعلقة بتقديم الخدمات للمواطنين (ضعف شفافية الاجراءات) .
ومفهوم الواسطة منتشر في البلدان التي تحكمها الأنظمة الدكتوريه , حيث انه هناك علاقه طرديه بين الاستبداد و الفساد بكافة اشكاله و أنواعه - بما فيها الواسطه - .
وهذا المفهوم بقدر ما هو ناتج للفساد الا انه يستمد قيمته من تراث ممتد من القيم الباليه  التي هيمنت على ثقافة المجتمع لفتره طويله , وللاسف فانها تستمد قوتها من فهم مغلوط للدين حيث تم ترسيخ مفهوم الواسطه كقرين لمفهوم الشفاعه .
تتحكم الواسطه بمصير الناس, فالواسطه عندما تساعد شخصاً ما للحصول على حق يستحقه او اعفاءه من شرط لا يجب عليه الوفاء به أو حصوله على حق لايسبب ضرر للاخرين وليس عكس ذلك , وهذه الظاهره -الواسطه-  تعد من أشكال الفساد التي شملها القانون(3) حيث نصت المادة رقم 1 منها على ذلك.
والسؤال الذي يطرح  نفسه هل كل شخص يتملك الواسطه ؟!! 
بالطبع ليس الجميع, فعلى الرغم من انك استخدمت الواسطه لأخذ حقك وحصولك على مكان يناسبك الا انك وبهذه الطريقه فقد شخص آخر بنفس قدراتك فرصة المنافسة للحصول على حقه وقد يكون كفؤ للمنصب أكثر منك .
ومن هذا المنطلق السابق يرى الباحث انه وبشكل مطلق لا مبرر لاستخدام الواسطه . 

المطلب الثاني: مدى استشراء الواسطة في الواقع الفلسطيني(حجم الواسطة) 
من مخاطرها وآثارها انتشار الواسطة والمحسوبية والمحاباة (1) :
1-    تؤدي الى تفشي الفساد وخلق روح الانتهازية والانانية من قبل أصحاب النفوذ والحظوظ .  
2-    تخلق روح الحقد والكراهية والسلبية لدى الفئة التي لا تملك القدرة على الوصول الى صناع القرار والمتنفذين .
3-    خلق احساس عام لدى المواطن بفقدان العدالة وفقدان الثقة بالنظام الاجتماعي والسياسي وبالتالي فقدان الشعور بالمواطنة .
4-    تؤدي الى هجرة العقول والكفاءات التي تفقد الامل في الحصول على موقع يتلاءم مع مؤهلاتها وكفائتها مما يدفعها للبحث عن فرص عمل خارج الوطن .
5-    الانعكاسات الاقتصادية السلبية على المجتمع ككل حيث تزداد خطورتها بسبب عدم فعالية ادارة  وتوزيع الموارد ومصادر تمويلها .
6-    يعاني الفقراء والمهمشون والنساء, والأقليات أحيانا, من عدم القدرة الحصول على خدمات عن طريق الواسطة التي تعمل لمصلحة الأغنياء والقوياء , وهذا يعني انهم يدورون في حلقه مفرغه من الحرمان ويصعب عليهم الخروج من حالة الفقر والبطالة وابتزاز النساء في المجتمع  .

مدى استشراء الواسطة:

لا أحد ينكر وجود هذه المظاهر في ثنايا كثير من الملفات والمعاملات الحكومية, اذ لا يخلو أي مكان من قريب أو صديق يستطيع أن يمرر هذا الملف الى نقطة عبور.
وعلى الرغم من تحفظ المواطنين وشكواهم المستمرة من الواسطة فهم يجدون أنفسهم تحت ضغط الضرورة يستخدمونها للحصول على خدمة وان كان على حساب الغير.
يتذمرون منها ولكنهم يلجأون اليها لأنهم يجبرون على استخدامها أو يعدونها حقاً من حقوق القرابة والصداقة, ولكن في مجتمع تسوده قيم المواطنة ينبغي أن يحصل المواطن على حقه من دون وساطة من أحد وألا يحصل على حق غيره بواسطة أحد.
اشكال الفساد الاكثر انتشارا :
لقد تبين للباحث أن 40.8% من الفلسطينيين يعتقدون ان الواسطة والمحسوبية والمحاباة هي أكثر اشكال الفساد في المجتمع الفلسطيني .
المجالات الاكثر تعرضا للانتشار الواسطة والمحسوبية :
تبين ان التعيينات في الوظائف هو الأكثر بنسبة 61.6%, ثم يليه استخدامها في التعيينات بنسبة 20.4%, ثم استخدامها في العطاءات والتعاقد مع الموردين بنسبة 11.4% , وفي ادارة اعمال الشركة بنسبة 6.7% .
القطاع الأكثر تعرضا لانتشار الواسطة والمحسوبية : 
تبين أن 70.5% يرون ان القطاع الحكومي هو القطاع الاكثر تعرضاً لانتشار الواسطة والمحسوبية, ثم بعد ذلك القطاع الخاص بنسبة 18.8%, ثم القطاع الاهلي بنسبة 10.7% .
المؤسسات العامة الأكثر تعرضاً للواسطة والمحسوبية :
حيث تبين الوزارات أعلى نسبة وهي 43.3% , والاجهزة الامنية 18.3%, والهيئات المحلية 15.2%, مؤسسة الرئاسة 9.8%, المجلس التشريعي 4.8%, المحاكم 4.8%, النيابة العامة 3.8%  .
الخدمات العامة التي تتعرض لانتشار الواسطة والمحسوبية :            
بينت النتائج ان الخدمات الصحية تستخدم الواسطة والمحسوبية بنسبة 82.3%, والتوضيف بنسبة 98.3%, وتوزيع المساعدات العينية والمالية بنسبة 92.4%, والمعاملات المدنية بنسبة 73.5%, والتخليص الجمركي او الضريبي بنسبة 74.2%, والحصول على رخصة السواقة وترخيص السيارة بنسبة 71.3% .
بينت النتائج لاستخدام الواسطة والمحسوبية في المجتمع الفلسطيني حيث ان 29.9%,  سبق لهم ان استخدموها للحصول على الخدمات, 
والاسباب التي دفعتهم الى اللجوء الى الواسطة والمحسوبية كانت كالتالي:
الرغبة في الحصول على الخدمة بشكل اسرع بنسبة 78.9%, والخوف من حصول غيره على الخدمة اذا لم يستخدم الواسطة بنسبة 70.9%, وتباطؤ الموظف في تقديم الخدمات بنسبة 61.5%, وعدم الثقة في النظام بنسبة 50.8% .
بينت النتائج ان 74.7% من الفلسطينيين يرون انهم متضررين من الواسطة بينما يرون انهم مستفيدون منها بنسبة 7.7% .
ولمكافحة الواسطة يقول 94.5% انه يجب معاقبة من يرتكب الواسطة, و92.5% توعية المواطن باضرار الواسطة, ويقول 90.9% التعاون بين هيئة مكافحة الفساد والحكومة والمجتمع المدني في التوعية مخاطر الواسطة ومحاربتها, ولقد قال 87.6% انه يجب رفض الواسطة من حيث المبدآ, يقول 87.3% تدريس اشكال واسباب الفساد وتاثير الواسطة في المناهج المدرسية والجامعية.
ويتوقع 60.9% ان نسبة الواسطة والمحسوبية في عام 2013 سوف تزيد بينما يتوقع 12.3% انها سوف تقل . 
 
المبحث الثاني: الواسطة في الواقع الفلسطيني دور القانون وسبل مكافحتها
على الرغم من خصوصية الواسطة الا انه لا يتصور مكافحتها بمعزل عن الفساد, وعليه سيتم الاحاطه بما يلي في سبيل مكافحة الواسطة :
 
 المطلب الأول: دور المنظومة القانونية في مكافحة الواسطة

 لم ينص قانون مكافحة الفساد على نص خاص يجرم الواسطة والمحسوبية ولم يأت قانون العقوبات على ذكر اي تجريم لها _ وان كان بالامكان ادراجها لنص المادة 182 من قانون العقوبات الاردني لسنة 1960 كإساءة استخدام النفوذ الا انه ضعيف جداً _ ولكن وبعد الرجوع لقانون مكافحة الفساد المعدل رقم 7 لسنة2010  المعدل لقانون الكسب الغير مشروع رقم1 لسنة 2005 حيث انه وحسب المادة الاولى منه ينص على ان الواسطة شكل من اشكال الفساد .
وحسب الماده 14 التي عدلت المادة 25 ينص على  " فيما لم يرد فيه نص في قانون العقوبات أو أي قانون اخر نافذ يعاقب كل من أدين بأحد الجرائم المحددة بهذا القانون بعقوبة من ثلاث سنوات الى خمس عشرة سنة, وغرامة مالية تصل الى قيمة الأموال محل الجريمة أو احدى هاتين العقوبتين ورد الأموال المتحصلة من الجريمة.
2. يعفى من العقوبة المقررة في هذا القانون كل من بادر من الجناة بابلاغ الهيئة عن جريمة فساد قبل علمها بها أو أي من السلطات المختصة, فإذا حصل الابلاغ الهيئة عن جريمة فساد قبل علمها بها أو أي  من السلطات المختصة, فإذا حصل الإبلاغ بعد العلم بالجريمة تعين للإعفاء أن يكون من شأن الإبلاغ ضبط باقي الجناة, والأموال محل الجريمة".
 نص المادة 25/1 والتي جعلت عقوبتها الحبس من ثلاثة سنوات الى خمسة عشرة سنة وغرامة مالية تصل الى قيمة الأموال محل الجريمة بالاضافة الى رد الاموال محل الجريمة, ونلاحظ هنا أن المشرع جعل الجريمة جناية وليست جنحة, وايضا جعل الغرامة تصل الى قيمة محل الجريمة مع العلم بان هذه الجريمة لا يتصور وجود مال محل للجريمة لانه لا وجود لمقابل مادي لها اذا فليس بالامكان ان يتم ايقاع هذه العقوبة , كما ان المشرع اضاف أو احدى هاتين العقوبتين أي اما السجن أو الغرامة أي لم يجعل الغرامة مضافة الى السجن كما هو في التشريع الفلسطيني المطبق بغزة قبل اقرار قانون مكافحة الفساد النافذ الذي عاقب على جريمة الاستجابة لرجاء أو توصية أو استجابه أو واسطة بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد عن خمسمائة جنية, ويتين لنا أن المشرع هنا اعتمد مبدأ الغرامة النسبية بالاضافة الى العقوبية حيث أن العقوبة الأصلية في جريمة الواسطة والمحسوبية هي فقط السجن المؤقت من ثلاث الى خمسة عشر سنة .

فرع: الابلاغ عن ممارسات الواسطة والمحسوبية والمحاباة أبرز آليات مكافحتها(1) :
شملت التشريعات الفلسطينية مواد تدعو المواطنين في الانخراط في مكافحتها الفساد من خلال الابلاغ عن مشاهدتهم لاي ممارسات فساد ,حيث نصت المادة رقم 1 من القانون(2) على :
"لكل من يملك معلومات جدية أو وثائق بشأن جريمة فساد منصوص عليها في هذا القانون وقعت من أي موظف أن يقدمها الى أو أن يتقدم بشكوى بشأنها ضد مرتكبها" . 
كما نصت المادة رقم 16 منه على "على كل موظف عام علم بكسب غير مشروع أن يبلغ الهيئة بذلك" ويمكن لأي مواطن الابلاغ عن ممارسات الفساد والتي من بينها الواسطة و المحسوبية والمحاباة من خلال التواصل مع هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية وهي الجهة الرسمية التي تتابع قضايا الفساد وتحقق فيها . 
 استمرار طلب الواسطة في التعيينات في الوظائف العامة :
تعتبر الوظائف العامة من أكثر المجالات التي تنتشر فيها مظاهر الواسطة و المحسوبية(3) فهذا دليل انه على الرغم من الاجراءات التي تم اتخاذها من قبل الجهات المتخصصة وعلى رأسهم ديوان الموظفين العام لتعزيز النزاهة والشفافية في التعيينات الوظيفية , الا ان هذه الاجراءات لا زالت غير مكتملة في مواجهة تدخلات الواسطة والمحسوبية في هذا المجال وأن الامر يستدعي اتخاذ المزيد من الاجراءات لمحاصرة هذه  الظاهره وصولاً لاستئصالها من جذورها . 
وهي تعد من أشكال الفساد التي شملها القانون (1), حيث نصت المادة رقم 25 منه على "....يعاقب كل من أدين باحدى الجرائم المحدده بهذا القانون (ومن ضمنها الواسطه والمحسوبيه والمحاباة) بعقوبة من ثلاث  سنوات الى خمسة عشرة سنة .
ان الواسطة والمحسوبية تخلان بمبادىء دستورية ثابتة وأساسية في الدساتير المختلفة ومنصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003 وتعديلاته وأهمها الاخلال بمبدأ المساواة حيث أن الواسطة والمحسوبية لا تعطي الشخص المستحق ماكان يجب ان يحصل عليه وانما تعطيها لآخر نتيجة الواسطة والمحسوبية مخالفة بذلك المادة (9) من القانون الاساسي الفلسطيني التي تنص على أن الفلسطينيين أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي او الاعاقة"
إضافة الى انها تخل بمبدأ دستوري آخر خصوصا في حالة التوظيف وهو مبدأ تكافؤ الفرص الذي نصت عليه المادة(26/4) من القانون الأساسي4  بقولها: "تقلد المناصب والوظائف العامة على قاعدة تكافؤ الفرص"5  .

المطلب الثاني: البنى المؤسسية المعنية في مكافحة الواسطة

مكافحة المؤسسات الحكومية ويكون ذلك بما يلي : 
أ. تفعيل دور الاستراتيجية الامنية والقضائية لزيادة الرقابة على الجهات الحكومية وذلك من خلال سن القوانين الجديدة وتعديل القوانين القديمة.
ب. حجب الملاذ الآمن من خلال توفير سلطات قانونية خاصة لتحديد أسماء الأشخاص الفاسدين وإصدار مذكرات توقيف بحقهم ومنعهم من مغادرة البلاد أو الدخول للدول عبر الاتفاقيات .
ج. إدخال مفهوم الحكومة الإلكترونية وإيجادها ضمن اساسيات العمل الحكومي, وإعادة تجديد الحكومة, حيث يقل في هذه الحالة شعور المواطن بالحاجة للواسطة والمحسوبية طالما انه يتعامل مع آله جامدة وليس مع بشر.
د. توعية وتثقيف وتاهيل وتدريب الموظفين وإذكاء وعيهم بمخاطر الفساد وإبراز الآثار السلبية الخطيرة التي تنهش جسد المجتمع والدولة.
واكد البيان  الصادر في 2013 ان 17 مؤسسة شريكة لأمان في الضفة الغربية وقطاع غزة لا تزال تنفذ حملة جمع التواقيع على عرائض من قبل المواطنين للمطالبة بالإسراع في اتخاذ ما يلزم من إجراءات وتدابير للحد من ظاهرة الواسطة وترميم المنظومة القانونية الفلسطينية لتكون أكثر فاعلية وردع في معاقبتة ومحاسبة مقترفيها, وفي قطاع غزة للمطالبة بإعداد سياسات وتدابير واضحة ومعلنة وفعالة في مواجهة ظاهرة الواسطة, ويزداد يومياً إعداد المنظمين للحملة بالتوقيع على العرائض فقد تجاوز العدد الاجمالي الخمسة وعشرين الف توقيع لغاية منتصف يوم الخميس 28/11/2013.
 كانت مبادرة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" في 2013 تكثيف وتوحيد جهود المؤسسات الأهلية الشريكة في مكافحة الفساد للتركيز على تنفيذ مبادرات تهدف إلى الحد من مظاهر الواسطة والمحسوبية في المجتمع الفلسطيني  .
هذه الآفة السرطانية الخطيرة ازدات عملية مكافحتها بشكل كبير مؤخرا عبر قطاعات مختلفة أهمها: الشباب الفلسطيني الذي يشكل أكثر من 50% من المجتمع.
شبكة الشباب الفلسطيني الفاعل سياسيا ومجتمعيا "المنبثقة عن المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي" والديمقراطية "مفتاح", والتي تضم أكثر من (80 شاباً وشابة) جمعهم هموم المجتمع وقضاياه المتنوعة, وضعت لنفسها هدفا يتمثل بمكافحة الفساد بكافة أشكاله وأنواعه عبر"الاستراجية الشبابية لمكافحة الفساد" .
وسائل أخرى لمكافحة الفساد:
1.    الانضمام بشكل رسمي وخاصة بعد حصول فلسطين على صفة دولة مراقبة الى الاتفاقيات الدولية والاقليمية التي تسعى للحد من انتشار الفساد ومن بينها الواسطة والمحسوبية مثل ميثاق الامم المتحدة لعام  (2005) او مبادرة الحكم الجيد للتنمية (GFD).
2.    زيادة التوعية المجتمعية باضرار آفة الواسطة والمحسوبية وانها مخالفة  للشرع والقانون ولن تجر على من لجأ اليها سوى الويلات والمشاكل.
3.    مكافحة الفساد ومنه الواسطة والمحسوبية عن طريق الاحتجاجات السلمية.
4.    تعزيز التدابير الوقائية التي يمكنها الحد من انتشار ظاهرة الواسطة والمحسوبية والفساد بشكل عام.
5.    توعية المواطنين بأن القوانين والانظمة كفيلة بأنجاز مصالحهم بكل سهولة ويسر .   
وجاء في التقرير ان في العام 2014 شهد تحسن في المنظومة الوطنية للنزاهة بعض المؤسسات الفساد, فتحسنت ثقة الحكومية وغير الحكومية (الاعلام والقطاع الخاص), بفعل جهود مكافحة المواطنين بالاجراءات التي تمت, لاسيما المتعلقة برفع الوعي العام بأسباب الفساد وأشكالة وطرق مكافحته وأظهرت هيئة مكافحة الفساد نشاطا واضحا في ملاحقة الفاسدين الفارين من وجه العدالة المتهمين بقضايا فساد حيث تم تقديم طلبات استرجاع الأموال والموجودات, تنفيذاً لأحكام القضاء الفلسطيني .
ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني في مجال الرقابة على الأداء الحكومي 
وعلى الرغم من كثرة مؤسسات المجتمع المدني فإن أي منها لم يكرس نشاطه واهتمامه بموضوع الفساد ، مع استثناء الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن والتي تركز عملها على الرقابة في مجال حقوق الإنسان. كما تشكل الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان والمكون من عدد من مؤسسات المجتمع المدني العاملة في حقل التوعية والتأثير واشاعة مفاهيم النزاهة والشفافية.
غياب حرية الأعلام وعدم السماح لها أو للمواطنين بالوصول إلى المعلومات: والسجلات العامة، مما يحول دون ممارستهم لدورهم الرقابي على أعمال الوزارات والمؤسسات العامة. 
وقد ترافق كل ذلك مع ضعف دور الإعلام المحلي، وبشكل خاص الصحافة، بسبب الضغط الرسمي من جهة وغياب الخبرة لدى المراسلين المتخصصين في مجال التحقيقات وكيفية الحصول على المعلومات، ومع ذلك فقد ساهمت بعض محطات التلفزة المحلية في نقاش موضوع الفساد. 
 دور مؤسسات المجتمع المدني في مقاومة الفساد  
وبالرغم ان المجتمع الفلسطيني يحظى بوجود شبكة كبيرة من المنظمات الأهلية التي نشطت لسنوات طويلة في مجال تعزيز الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان. لكن نادرا ما نجد مؤسسات أهلية تتبنى برامج ذات علاقة في مقاومة الفساد، بالرغم من أن المجتمع المدني هو الخاسر الرئيسي دائما من الفساد. وذلك لإعتقاد في المجتمع الفلسطيني إن مقاومة الفساد هو من اختصاص  الجهات الحكومية والتشريعية فقط أو لتخوفها من الاقتراب من هذا الموضوع الحساس.
بادرت مجموعة من المؤسسات الفلسطينية ذات العلاقة إلى تأسيس (الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة – أمان) عام 2000 وذلك لإطلاق برنامج وطني للعمل في تعزيز وترسيخ قيام النزاهة والشفافية في النظام السياسي والمجتمع الفلسطيني بمختلف قطاعاته للمساهمة في إقامة الحكم الصالح.
 عملت شبكة المنظمات المشاركة في الائتلاف وبالتعاون مع مجموعة منظمات المجتمع المدني الفلسطيني على إعداد خطة رفع درجة الوعي العام لدى الجمهور الفلسطيني بخطورة الفساد ونتائجه المدمرة وأهمية العمل وفقا لنظم العلانية والشفافية والعمل المهني المسؤول، تجميع المعلومات التي تتعلق بالخبرات والأدبيات المحلية والإقليمية والدولية حول ظاهرة الفساد أمام كافة المعنيين وتشجيع إجراء الدراسات حول أسباب وأنواع وسمات ونتائج سوء استخدام الموقع العام وطرق معالجتها، بلورة اقتراحات وآليات مناسبة في المجالات التشريعية والقضائية والإدارية والمالية وفي القطاعات المختلفة لمكافحة الفساد وتحقيق المساءلة والشفافية و تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني والتركيز على أهمية دور وسائل الإعلام المختلفة في عملية التوعية بمخاطر الفساد .
وشدد رئيس الوزراء الحمد الله على أن المؤسسات الحكومية، الوزارية وغير الوزارية، ستبقى مفتوحة للمساءلة والرقابة، وهو ما يجب أن يطبق على المؤسسات الفلسطينية جميعها، بما فيها مؤسسات العمل الرقابي نفسها، لتكريس ثقافة وقيم الشفافية، ولتغدو البنية المؤسساتية أكثر فعالية وتطورا وقدرة على خدمة مواطني الدولة الفلسطينية 

الخاتمة:
توصل الباحث الى انه على الرغم من أن المشرع الفلسطيني حاول ان يحد من جريمة الواسطة والمحسوبية الا أنه لم يتوفق في ذلك, فبعد البحث والتدقيق بالنصوص القانونية نجد صعوبة في تطبيق العقوبة , حيث سيتناول الباحث النتائج والتوصيات التي توصل اليها كما يلي:
أولا: النتائج :
ان تطبيق هذه العقوبة على ارتكاب جريمة الواسطة صعب من الناحية العملية وذلك لأنه :
1-    يوجد اشكاليات قانونية تحول دون تطبيق النصوص القانونية الواردة في قانون مكافحة الفساد أبرزها غموض النص القانوني واللبس بين جريمة الواسطة والرشوه , والعقوبة الشديده التي فرضها المشرع الفلسطيني على هذا الفعل .
2-    أنه يعاقب على الشروع في جريمة الواسطة باعتبارها جناية كون الشروع فيها متصور.
3-    أن المشرع الفلسطيني اشترط وجود قصد جنائي خاص في جريمة الواسطة وذلك خلافا للتشريعات المقارنه التي أكتفت بالقصد الجنائي العام.
4-    أن معالجة الخلل في عدم امكانية تطبيق نصوص القانون ذات العلاقة بمعاقبة جريمة الواسطة لا يمكن أن تتم بموجب لائحة تنفيذية وانما يتوجب اجراء تعديل على نصوص قانون مكافحة الفساد الفلسطيني .
ولكن على الرغم من وجود نص قانوني يجرم الواسطة الا انه لايوجد اي حكم قضائي صادر بمعاقبة مرتكب هذا الجرم فما هو المعيقات في تنفيذ النص القانوني .
ثانيا: التوصيات:
1-    تعديل قانون مكافحة الفساد المتعلقة بالواسطة بحيث يزال اللبس بينها وبين الرشوه.
2-    اعادة النظر في العقوبة المقررة لجريمة الواسطة ووضع عقوبة تتناسب مع الجريمة وأخراجها من دائرة الجنايات حيث انها لا تعتبر جناية .
3-    ان يتم النص على عقوبة في حالة الشروع في هذه الجريمة وحتى ولو أصبحت جنحه وذلك للحد من انتشارها ومحاربتها .
4-    عدم الخوض في تعريف الواسطه بل أن يتم ترك هذا الباب مفتوح للقضاء والفقه كون أنه ليس من اختصاص التشريع .
5-    تعزيز الثقافة الاجتماعية لهذه الظاهره اضافه الى  تعزيز الثقافه الرافضه  لها في الوظيفة . 
6-    تطبيق مبدأ من اين لك هذا عن ظهور و تفاقم الاموال الغير معروف مصدرها .       
7-    تفعيل دور المجلس التشريعي في المجتمع الذي يتلخص دوره في سن التشريعات التي تحارب ظاهره الفساد والرقابه على اعمال السلطه التنفيذيه ايضاً.
8-    أن يتم استخدام الاساليب التكنولوجيه الحديثه للكشف عن الفساد الاداري كأجهزه البصمه  وفتح نافذه على الشبكه العنكبوتيه لاستقبال شكاوى الجمهور والتحقق منها مع الالتزام بالسريه وعدم الكشف عن شخصيه المشتكي .
9-    ضرورة تفعيل الرقابة على المسؤولين كأحد الاليات التي يمكن الاعتماد عليها للتخلص من آفة الواسطة والحد من استخدامها والقيام بحملات توعية لكافة شرائح المجتمع بدءاً من المسؤولين ومروراً بصناع القرار وانتهاء بالمستفيدين.
 


عدد القراءات: 1064