س: ما هي آلية انتقال الملكية من البائع للمشتري في الأراضي؟


الإجابة

نظراً للظروف المعقدة التي مرت بها فلسطين من الناحية التشريعية، نشير بشيء من الإيجاز للوضع التشريعي فيما يتعلق بانتقال الملكية في العقار ضمن الأفرع التالية:

 

أولاً: موقف مجلة الأحكام العدلية

يتضح  من نصوص مجلة الاحكام العدلية، وهي القانون المدني النافذ في فلسطين، أن المجلة أعطت الحق للمشتري التصرف في العقار حتى قبل قبضه، وبالتالي يجوز للمشتري أن يقوم ببيع العقار أو تأجيره أو رهنه والقيام بكافة التصرفات، حتى قبل قبضه، وهذا يعني أن انتقال الملكية في العقار تتم بمجرد إبرام عقد البيع، دون حاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر كالتسجيل أو القيد في السجل العقاري.

 

ثانياً: وفقاً لقانون التصرف بالأموال غير المنقولة

صدر قانون التصرف بالأموال غير المنقولة لسنة 1331ه وحظر في المادة الأولي منه على المحاكم النظامية والشرعية والجهات الحكومية الأخرى سماع دعوى المتصرف دون سند طابو، واعتبرت التصرفات التي ترد على العقار منعدمة ما لم يصدر بها سند مثبت لذلك

 ولا يجوز وفقاً لهذا القانون الاستماع إلى أي دعوى في المحاكم الشرعية أو النظامية وإجراء أي معاملة كانت في دوائر الحكومة بحق الأراضي التي لا يكون فيها سند خاقاني (الطابو).

وتفسر الأحكام السابقة على أن بيع الأرض خارج دوائر الدفتر الخاقاني (الطابو) لا قيمة لها وتعتبر في حكمة المنعدمة.

ثالثاً: وفقاً لقانون انتقال الأراضي

في زمن الإنتداب البريطاني صدر قانون انتقال الأراضي رقم 18 لسنة 1920م، ووفقاً للمادة الثالثة من هذا القانون فإنه يسري علي جميع الأموال غير المنقولة المشمولة بأحكام قانون الاراضي العثماني. ويسري علي أراضي الملك وأراضي الوقف على اختلاف أنواعه، وعلى سائر أنواع الأموال الأخرى غير المنقولة.

ووفقاً لهذا  القانون وتحديداً المادة الرابعة منه فلا تعتبر معاملة التصرف في الأموال غير المنقولة صحيحة

إلا إذا روعيت بشأنها أحكام هذا القانون.( نصت المادة الرابعة من قانون انتقال الأراضي رقم 18 لسنة 1920م على ان " (1) لا تعتبر معاملة التصرف في الأموال غير المنقولة صحيحة إلا إذا روعيت بشأنها أحكام هذا القانون. (2) على كل من يرغب في إجراء معاملة تصرف بمال غير منقول أن يحصل أولا على الموافقة الخطية المطلوبة في الفقرة التالية. (3) للحصول على الموافقة المشار إليها في الفقرة (2) يقتضي تقديم عريضة للمدير بواسطة مكتب تسجيل الأراضي في المكان الواقعة فيه الأرض، تبين شروط معاملة التصرف المراد إجراؤها، ويطلب فيها موافقته على المعاملة. (4) ترفق هذه العريضة بما يثبت ملكية الناقل، وتتضمن طلبا بتسجيل عقد ينظم تنفيذا لشروط معاملة التصرف. (5) يجوز أن تتضمن العريضة فقرة تعين العطل والضرر الذي يدفعه الفريق المتخلف عن إنهاء معاملة التصرف بعد التصديق عليها ").

ويجب على كل من يرغب في إجراء معاملة تصرف بمال غير منقول أن يحصل أولاً على موافقة خطية من خلال تقديم عريضة للمدير بواسطة مكتب تسجيل الأراضي في المكان الواقعة فيه الأرض، بحيث تبين معاملة التصرف المراد إجرائها، ويطلب فيها موافقته على المعاملة، وترفق مع هذه العريضة ما يثبت ملكية الناقل.

 

 ورتبت الفقرة الأولى من المادة 11 من هذا القانون  بطلان كل معاملة تصرف لم تقترن بالموافقة المطلوبة في المادة الرابعة، بل لم يقتصر الأمر على البطلان وإنما فرضت المادة 12 من هذا القانون عقوبة جزائية على كل من يقوم بتنفيذ تصرف غير مسجل.

 

رابعاً: موقف القضاء الفلسطيني

ويتجه الرأي السائد في القضاء إلى ترتيب بطلان الوعد بالبيع وعقود البيع الخارجية والتي تتم خارج دائرة تسجيل لاراضي الواردة على العقارات المسجلة. ويستثنى من ذلك العقارات التي لم يتم فيها التسجيل.

 

وبذلك جاء  حكم محكمة النقض، (محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 106 لسنة 2009. وانظر حكم محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 239 لسنة 2005) والذي ذكر أن: الأصل أن تتم البيوع الواردة على العقارات في الموقع الرسمي وهو دائرة تسجيل الأراضي، ويستثى من ذلك ما نصت عليه المادة 3 من القانون المعدل للأحكام رقم 51 لسنة 1958 والباحثة في البيوع الواردة على الأراضي الملك والأراضي الميرية التي لم تعلن فيها التسوية. وأضافت المحكمة أنه يعتبر بيع الأرض التي لم تعلن بها التسوية بموجب سند إستثناء على الأصل وهو أن يكون البيع أمام دوائر التسجيل، ولا يجوز التوسع بالإستثناء لأنه شرع لغاية هدف إليها المشرع وتوخاها خاصة بأَن جاءت على خلاف قاعدة آمرة رتب على مخالفتها البطلان.

كما ذكرت أيضاً أنه:  لا تُرَتب البيوع الواردة على الأراضي التي لم تعلن بها التسوية أي أثر إلا إذا كان العقار خارج التسوية وأن يتم البيع بموجب سند وأن يتصرف المشتري في العقار تصرفاً فعلياً مدة عشر سنوات في الأراضي الأميرية وخمس عشرة سنة في الأراضي الملك، ولا بد أن تتوافر الشروط السابقة مجتمعةً لأن تخلف أحدها يجعل البيع باطلاً.

وبحسب قرار المحكمة فإن: بيع الأراضي التي لم تعلن بها التسوية لابد أن يتم بموجب سند مكتوب لأنه شرط انعقاد وركن في العقد لا وسيلة اثبات، وإن إقرار البائع أمام المحكمة المختصة ببيعه الأرض لا يغير من الأمر شيئا لوجوب أن يكون البيع بسند مكتوب.

 

 وانظر أيضاً حكم محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 100 لسنة 2004 (إن سريان التصرف القانوني المكسب للملكية المستند إلى بيع أرض بموجب وكالة دورية يقتصر على الأرض غير المسجلة (بموجب أحكام قانون تسوية الأراضي). و  حكم محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 22 لسنة 2004 (عقد البيع أو عقد الوعد بالبيع الذي يرد على عقار يجب أن يسجل في دائرة الأراضي كشرط لإنعقاده عملا بنص المادة 16 من قانون تسوية الأراضي والمادة 2 من قانون التصرف بالأموال غير المنقولة). وأيضاً حكم محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 186 لسنة 2004  (والذي ذكر أنه: الرغم من أن المادة (3) من قانون التصرف بالأموال غير المنقولة لسنة 1953 حظرت على المحاكم سماع الدعوى لإبطال سندات التسجيل الصادرة بموجب قوانين تسجيل الأراضي في الأراضي التي تمت تسويتها، وأن المادة 16 (3،2) من قانون تسوية الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952 منعت المحاكم من سماع أي اعتراض على صحة قيود التسجيلات المذكورة، إلا أن ذلك لا يمنع من الحكم بالصورية إذا توفرت شروطها).


عدد القراءات: 2517