الإعفاء من رسوم ساعات العمل الإضافي

إعداد: لوراند هشام عبد اللطيف حجة

نص قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000 في المادة (71/1) على أن "1- يجوز لطرفي الإنتاج الإتفاق على ساعات عمل إضافية لا تتجاوز اثنتي عشرة ساعة في الأسبوع"1 [1] ، مما يعني بأنه يجوز للعامل وصاحب العمل الإتفاق على ساعات عمل إضافية بشرط أن لا تزيد عن 12 ساعة في الأسبوع، كما أكد على ذلك قرار مجلس الوزراء رقم (166) لسنة 2004 بنظام ساعات العمل والعمل الإضافي طبقاً لقانون العمل رقم (7) لسنة 2000 في المادة (3) منه والتي نصت على أنه" لا يجوز أن تزيد ساعات العمل الإضافي على اثنتي عشرة ساعة في الأسبوع"[2] ، على الرغم من أن ساعات العمل الفعلية هي 45 ساعة أسبوعياً كما هو مستفاد من نص المادة (68) من قانون العمل الفلسطيني[3].

نص قانون العمل الفلسطيني أيضاً على بعض الفئات التي لا يجوز تشغيلها ساعات عمل إضافية وهم الأحداث[4] ، حيث حظر قانون العمل تشغيلهم ساعات عمل إضافي أو تشغليهم على أساس وحدة الإنتاج، كما حظر قانون العمل تشغيل النساء ساعات عمل إضافية أثناء الحمل والستة أشهر التالية للولادة[5] ، كما خفّض ساعات العمل اليومي بما لا يقل عن ساعة لمن يعملون في الأعمال الخطرة أو الضارة بالصحة والليلية.

الإعفاء من الرسوم عن بدل ساعات العمل الإضافي

عند قيام العامل برفع دعوى للمطالبة بحقوقه العمالية والتي تتمثل بالأجور وبدل الإجازات ومكافأة نهاية الخدمة و بدل الإصابات العمالية وبدل الفصل التعسفي، فإنه يعفى من دفع الرسوم القضائية عن تلك المطالبات وذلك حسب ما جاءت به أحكام المادة (4) من قانون العمل الفلسطيني والتي نصت على أنه "يعفى العمال من الرسوم القضائية في الدعاوى العمالية التي يرفعونها نتيجة نزاع يتعلق بالأجور أو الإجازات أو بمكافآت نهاية الخدمة أو بالتعويضات عن إصابة العمل أو بفصل العامل فصلا تعسفيا"، إلا أن يوجد خلاف حول خضوع بدل ساعات العمل الإضافي لنص المادة (4)، أي هل يتم إعفاؤها من الرسوم أم لا؟

تعددت الآراء حول هذا الأمر فمنهم من رأى أن ساعات العمل الإضافية لا تخضع لنص المادة (4) أي غير معفاة من الرسوم، ومن منهم من رأى أنه يجب التمييز بين ساعات العمل الإضافية التي نص عليها قانون العمل والتي يجب أن لا تتجاوز 12 ساعة فهذه معفاة من الرسوم، أما زاد عن 12 ساعة فإنها تحضع لقواعد القانون المدني، وبالتالي غير معفاة من الرسوم.

الرأي الأول يقول بعدم خضوع بدل ساعات العمل الإضافي لنص المادة (4) من قانون العمل أي خضوعها للرسوم ويستند أصحاب هذا الرأي في رأيهم إلى أن نص المادة (4) من قانون العمل قد حددت الحقوق العمالية المعفاة من الرسوم على سبيل الحصر وهي الأجور والإجازات ومكافأة نهاية الخدمة وبدل الإصابات العمالية والفصل التعسفي، وأن مفهوم الأجر المقصود هنا هو الأجر الأساسي الذي لا يشمل البدلات والعلاوات، مما يعني بأن ساعات العمل الإضافي لا يشملها نص هذه المادة ويكون واجب دفع الرسوم عنها، وذلك وفق ما تنص عليه المادة (3) من قانون رسوم المحاكم النظامية رقم (1) لسنة 2003 والتي جاء بها "لا تقبل دعوى أو طلب أو لائحة جوابية أو لائحة إستئناف أو طعن في أية دعوى أو إستئناف أو نقض أو أية إجراءات خاضعة للرسم ما لم يكن الرسم المقرر قد استوفى عنها مقدماً أو قد تم تأجيله بموجب أحكام هذا القانون"[6] ، ويعتبر الدفع بعدم دفع الرسوم القانونية من النظام أي تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها، وهناك العديد من الأحكام القضائية التي كانت مع هذا الرأي ومنها حكم الهيئة العامة للمحكمة العليا رقم 2/2015[7] ، وحكم محكمة النقض الفلسطينية رقم 208/2014 [8]، وحكم محكمة النقض الفلسطينية رقم 48/2011 [9]، وحكم محكمة النقض الفلسطينية رقم 659/2010 [10]، وحكم محكمة النقض الفلسطينية رقم 152/2010 [11].

وهناك رأي آخر مخالف لحكم الهيئة العامة للمحكمة العليا رقم 2/2015 يقول بأن ساعات العمل الإضافي معفاة من الرسوم وذلك لأن نص المادة (4) من قانون العمل رقم (7) لسنة 2000 قد جاء مطلقاً دون استثناء لأي نزاع مطروح في الدعوى العمالية، فكلمة الأجر قد جاءت مطلقة، ولم تَقصُر المادة الأجر على ساعات العمل الفعلية المحددة في 45 ساعة، مما يعني أن الأجر هنا يشمل ساعات العمل الاضافي، كما أن القول بأن بدل ساعات العمل الإضافي هو تعويض عنها ويخضع للقواعد العامة، وبالتالي يجب دفع الرسوم عنها، هو قول لا يجانب الصواب من ناحيتين أولاً لأن في هذا خلط لمفهوم الأجر ومفهوم التعويض، فالأجر هو مقابل قيام العامل بعمل قام به بموجب اتفاق رتب آثار قانونية متبادلة بين الطرفين، أما التعويض فهو جبر لضرر لحق بالعامل أثناء عمله سواء كان ضرر مادي أو أدبي، وثانياً لأن نص المادة (4) من قانون العمل قد أعفت التعويضات عن الإصابات العمالية والفصل التعسفي من دفع الرسوم القضائية، وبالتالي فإن جميع ساعات العمل الإضافي خاضعة لنص المادة (4) من قانون العمل.

الرأي الثالث يقول بأنه يجب التمييز بين ساعات العمل الإضافية التي حددها قانون العمل بأن لا تتجاوز 12 ساعة في الأسبوع فهذه الساعات معفاة من الرسوم، أما الساعات التي لا تتجاوز 12 ساعة في الأسبوع فإنها تخرج من نطاق تطبيق قانون العمل وتخضع للقواعد العامة في القانون المدني وبالتالي فهي غير معفاة من الرسوم، يستند هذا الرأي إلى أن مفهوم الأجر الوارد ذكره في نص المادة (4) من قانون العمل على أنه معفى من الرسوم هو الأجر الكامل الذي يشمل العلاوات والبدلات وذلك حسب ما قضت به نص المادة (1) من قانون العمل رقم (7) لسنة 2000 [12]، وبالتالي بما أن الأجر يشمل البدلات فهو يشمل بدل ساعات العمل الإضافي، وبالرجوع إلى نص المادة (71) من قانون العمل والتي أجازت لصاحب العمل والعامل الإتفاق على ساعات عمل إضافية لا تتجاوز 12 ساعة في الأسبوع، فإن ساعات العمل الإضافية الخاضعة لقانون العمل هي التي لا تتجاوز 12 ساعة، وهي التي تدخل ضمن مفهوم الأجر وبالتالي يشملها الإعفاء من الرسوم، أما إذا زادت ساعات العمل الإضافية عن عدد الساعات المحددة في نص المادة (71) من قانون العمل، فإنها تخرج من نطاق قانون العمل وتخضع للقواعد العامة في القانون المدني، وبالتالي لا تخضع لنص المادة (4) من قانون العمل، ويكون واجب دفع الرسوم عنها، وقد أخدت العديد من الاحكام القضائية بهذا الرأي ومنها حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم 28/2012 [13]، وحكم محكمة النقض الفلسطينية رقم404/2012 [14]، وحكم محكمة النقض الفلسطينية رقم 351/2012 [15].

ويرى الباحث بأن جميع ساعات العمل الإضافي تخضع لنص المادة (4) من قانون العمل أي معفاة من الرسوم، وذلك لأن القول بأن ساعات العمل الإضافي لا يشملها الإعفاء من الرسوم حيث أن المقصود بالأجر هو الأجر عن ساعات العمل الفعلية المحددة في 45 ساعة، هو قول لا يتفق وأحكام القانون ذلك أن المقصود بالأجر الوارد ذكره في نص المادة (4) هو الأجر الكامل والذي يشمل الأجر الأساسي مضافاً إليه العلاوات والبدلات وفقاً لما تنص عليه المادة (1) من قانون العمل رقم (7) لسنة 2000، وبالتالي فإن الأجر يشمل بدل ساعات العمل الإضافي، كما أن القول بأن ساعات العمل الإضافي التي حددتها نص المادة (71) من قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000 في 12 ساعة في الأسبوع معفاة من الرسوم، أما ساعات العمل الإضافي التي تزيد عن 12 ساعة في الأسبوع، تخرج من نطاق تطبيق قانون العمل وتخضع للقواعد العامة للقانون المدني، قول لا يجانب الصواب، وذلك لأن المشرع عندما حدد ساعات العمل الإضافي في 12 ساعة في الأسبوع، كان ذلك لمنع رب العمل من تشغيل العامل ساعات عمل إضافية تزيد عن 12 ساعة في الأسبوع فقط، ولا يعني ذلك اعتبار ساعات العمل الإضافية التي تزيد عن ساعات العمل الإضافية المحددة في نص المادة (71) ليست ساعات عمل إضافية، كما أن القول بأن ساعات العمل الإضافي التي تزيد عن 12 ساعة في الأسبوع تخرج من نطاق تطبيق قانون العمل يرتب نتائج خطيرة تتمثل في عدم اعتبار الإصابات العمالية التي تحدث أثناءها إصابات عمالية، لهذه الأسباب جميعها يرى الباحث بأن الإعفاء من دفع الرسوم القضائية يشمل جميع ساعات العمل الإضافي سواء المحددة بنص المادة (71) من قانون العمل، أم التي تزيد عنها.

الخلاصة

  • الباحث الى ان الرأي الذي يتفق وصحيح القانون هو القائل بأن كافة ساعات العمل الإضافي معفاة من دفع الرسوم القضائية، وذلك لأن نص المادة (4) قد ذكرت كلمة الأجور بالمطلق، وبالرجوع لنص المادة (1) من قانون العمل نجد أنها عرفت الأجر بأنه الأجر الكامل والذي يشمل الأجر الأساسي مضافاً إليه العلاوات والبدلات، مما يعني بأن الأجر يشمل بدل ساعات العمل الإضافي، كما أن ساعات العمل الإضافي ليست فقط المحددة في 12 ساعة في الأسبوع، وذلك لأن نص المادة (71) من قانون العمل قد حظرت تشغيل رب العمل للعامل ساعات عمل إضافي تزيد عن 12 ساعة في الأسبوع، وهذا لا يعني أنه في حال قام رب العمل بتشغيل العامل ساعات عمل إضافي تزيد عن 12 ساعة في الأسبوع، فإن هذه الساعات لا تعتبر ساعات عمل إضافي وغير خاضعة لقانون العمل، بل هي ساعات عمل إضافي وتخضع لنطاق تطبيق قانون العمل، وبالتالي يشملها نص المادة (4) المتعلق بالإعفاء من الرسوم القضائية.
الهوامش
[1] قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000. نشر بتاريخ 25/11/2001 في العدد (39) من جريدة الوقائع الفلسطينية. ص7.
[2] قرار مجلس الوزراء رقم (166) لسنة 2004 بنظام ساعات العمل والعمل الإضافي طبقاً لقانون العمل رقم (7) لسنة 2000. نشر بتاريخ 28/2/2005 في العدد (53) من جريدة الوقائع الفلسطينية. ص279.
[3] نصت المادة (68) من قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000 على أنه "ساعات العمل الفعلي في الأسبوع خمس وأربعون ساعة".
[4] نصت المادة (95) من قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000 على أنه "لا يجوز تشغيل الأحداث في: ساعات عمل إضافية أو على أساس وحدة الإنتاج".
[5] نصت المادة (101) من قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000 على أنه "يحظر تشغيل النساء في: ساعات عمل إضافية أثناء الحمل والستة اشهر التالية للولادة".
[6] قانون رسوم المحاكم النطامية رقم (1) لسنة 2003. نشر بتاريخ 30/10/2003 في العدد (47) من جريدة الوقائع الفلسطينية. ص7.
[7] حكم الهيئة العامة للمحكمة العليا المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 2/2015 الذي صدر بتاريخ 9/4/2015.
[8] حكم محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة في رام الله رقم 208/2014 الذي صدر بتاريخ 12/10/2015.
[9] حكم محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 48/2011 الذي صدر بتاريخ 12/5/2011.
[10] حكم محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 659/2010 الذي صدر بتاريخ 17/1/2012.
[11] حكم محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 152/2010.
[12] نصت المادة (1) من قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000 على أنه" الأجر: ويعني به الأجر الكامل وهو الأجر الأساسي مضافا إليه العلاوات والبدلات".
[13] حكم محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 28/2012 الذي صدر بتاريخ 28/5/2012.
[14] حكم محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 404/2012 الذي صدر بتاريخ 10/11/2015.
[15] حكم محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 351/2012 الذي صدر بتاريخ 25/4/2013.

عدد القراءات: 1864