كتب د. رائد أبو بدوية  " ان الأصل العام في القانون الدولي الانساني أن جميع أجهزة الدولة القائمة على إنفاذ القانون الداخلي هي جزء من السكان المدنيين بموجب هذا القانون. واستهدافهم في أي صراع مسلح يعتبر استهدافا للمدنيين المحظور بموجب أحكام هذا القانون ، إلا إذا اندمجت هذه الأجهزة المدنية للقوات العسكرية. وهذ ما أكدته و نصت عليه المادة 43 / 3 من البروتوكول الاضافي الاول الملحق باتفاقيات جنيف . 
إن الاصل العام هذا، أنتج على أطراف الصراع واجب التمييز ما بين الاهداف العسكرية و الاهداف المدنية التي يمنع استهدافها ومن ضمنها أية هيئة أو جهاز حكومي يعمل على إنفاذ القانون كجهاز الشرطة, و هذا ما أكدته محكمة العدل الدولية فى إحدى ارائها الاستشارية عام 1996. 
وعليه فان استهداف الشرطة من قبل القوات العسكرية المعادية يعتبر عملا مخالفا للقانون ويشكل استهدافا للمدنيين المحظور استهدافهم .وعليه ترى اللجنة الدولية للصليب الاحمر ثلاث حالات فقط يكون بموجبها الهجوم العسكري على الشرطة غير مخالف للقانون وهي : 
1- حال إندماج قوات الشرطة مع القوات المسلحة و منح صفة مقاتل لاعضائها . 
2- حال كون اعضاء الشرطة اعضاء من المجموعات المسلحة المقاتلة 
3- استهداف اعضاء الشرطة الذين يشاركون في العمليات المسلحة حسب م 51/3 من البروتوكول الاضافي الاول. 
4- اصابة الشرطة او قتلهم بمناسبة هجوم على موقع و هدف عسكري توافرت فيه شروط " التناسبية "
وفي استنتاجاته حول الهجوم العسكري الاسرائيلي على مقرات الشرطة الفلسطينة في غزة عام 2008 م , اعتبر جولدستون في تقريره المقدم للامم المتحدة عام 2009، ان هذا الهجوم هو هجوم مخالف للقانون الدولي الانساني باعتبار ان قوات الشرطة هي من الاجهزة المدنية، و ذلك للاسباب التالية : 
1- لا يوجد معلومات كافية تثبت اندماج الشرطة عموما في القوات العسكرية 
2- لا يوجد معلومات كافية تثبت اشتراكهم في العمليات العسكرية 
3- لا يوجد معلومات كافية تثبت اشتراكهم في المجموعات المسلحة 
وعليه فقد اعتبر تقرير جولدستون القصف الاسرائيلي العسكري على الشرطة هو قصف للمدنيين و مخالف للقانون الدولي الانساني استنادا الى طبيعة الاعمال الموكلة الى الشرطة و ابتعادها عن الاعمال العسكرية. 
هذه ( بايجاز ) هي المعايير الدولية لإعتبار افراد الشرطة المدنية "هدفا عسكريا" مشروعا بموجب احكام القانون الدولي، وجميعها تصب في المعيار الموضوعي الذي يهتم بطبيعة الاعمال التي يقوم بها جهاز الشرطة،على اعتبار ان المهمة الموكلة اليهم هو مهمة انفاذ القانون دون النظر الى القانون الوطني الذي ينظم عمل الشرطة و دون النظر ايضا الى القضاء الوطني المختص بمساءلتهم.  وبعيدا عن حالة الفوضى القانونية التي تمر فيها فلسطين و بعيدا عن صراع المصالح و المنافع، فان الحجة القانونية التي ساقها البعض اعتراضا منهم على قرار المحكمة الدستورية الفلسطينية الأخير رقم (2/2018) بخصوص تفسير " الشأن العسكري " و انعقاد اختصاص القضاء العسكري الفلسطيني في محاكمة افراد الشرطة، هي حجة قانونية لا تتسق مع قواعد القانون الدولي واحكامه. "
 


عدد القراءات: 214