في ظل استمرار سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها سلطات الاحتلال بمدينة القدس، بادرت مؤسسات حقوقية لعقد مؤتمر حمل عنوان "آثار إجراءات العقاب الجماعي الإسرائيلية على المرأة الفلسطينية بشرقي القدس".


وتطرقت المتحدثات في المؤتمر لعدد من الحالات التي كانت فيها المرأة ضحية للعقاب الجماعي بمجرد إدانة أحد أفراد أسرتها بتنفيذ عمليات ضد الاحتلال، أو اتهامهم بـ"خرق الولاء" لدولة إسرائيل، وهو الإجراء الذي يتناقض بشكل صارخ مع القانون الدولي الإنساني الذي لا يفرض على الشعوب بالأراضي المحتلة تقديم واجب الولاء للقوة المحتلة.

وحثت كل من مؤسسة الحق وسانت إيف والائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين بالقدس، بالإضافة لكل من مركز العمل المجتمعي وبديل، المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل من أجل إنهاء العمل فورا بسياسة سحب الهويات وهدم المنازل ومصادرة الممتلكات وقمع الفلسطينيين، وطالبت بإنهاء كافة إجراءات العقاب الجماعي.

دفع الثمن

ولعل أحدث هذه الحالات لجوء سلطات الاحتلال إلى طرد نادية زوجة الشهيد المقدسي غسان أبو جمل من بلدة جبل المكبر إلى الضفة الغربية بشكل نهائي، إذ كانت تعيش بالقدس بموجب حصولها على تصريح لم الشمل الذي لم يكتف الاحتلال بإلغائه فحسب، بل لجأت مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية إلى سحب التأمين الصحي وحقوق أخرى من أطفالها الثلاثة بشكل عقابي، رغم معاناة طفليها وليد ومحمد من حالات مرضية مزمنة تتطلب المتابعة الطبية المستمرة.

ورغم تقديم مؤسسة هموكيد الحقوقية الإسرائيلية التماسا للمحكمة العليا الإسرائيلية لإيقاف ترحيل نادية فإن المحكمة رفضت الالتماس، وعلقت المؤسسة على ذلك حينها "هذا انتقام متعمد ضد هذه المرأة وأطفالها على جريمة لم يرتكبوها".

وليس بعيدا عن قصة نادية، طرحت المؤسسات الحقوقية ورقة بالمؤتمر بشأن قضية الشاب المقدسي عبد دويات الذي صدر بحقه حكم بالسجن الفعلي لمدة 18 عاما بعد اتهامه برشق الحجارة، لكن العقاب تعداه لوالدته حيث أغلقت سلطات الاحتلال منزلهم وأصبحت والدته وشقيقته دون مأوى، واضطرتا إلى استئجار منزل تعيشان فيه بظروف حياتية قاسية.

ومنذ شهر تموز/يوليو 2014 وحتى كانون الثاني/يناير 2017 أغلق الاحتلال أربعة منازل وهدم ستة أخرى شرق القدس كإجراء عقابي، مما يخالف المادة رقم 33 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر العقوبات الجماعية، وجميع تدابير التهديد تجاه الأشخاص المحميين وممتلكاتهم بسبب مخالفات لم يقترفوها شخصيا.

وتطرقت منسقة وحدة الضغط والمناصرة في مركز العمل المجتمعي بجامعة القدس ندى عوض إلى تصعيد وتيرة إجراءات العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين بالقدس بُعيد استشهاد المقدسي فادي القنبر الشهر الماضي، الذي نفذ عملية دعس قرب مستوطنة أرمون هنتسيف المقامة على أراضي البلدة، مشيرة إلى اتخاذ وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي إجراءات قضائية لسحب الإقامة من والدة الشهيد وسحب التصاريح من 12 آخرين من عائلته بينهم قُصّر.

حرب الأغلبية

وأطلق الوزير درعي تصريحا بعد عملية الشهيد القنبر قال فيه "من الآن فصاعدا سيدرك جيدا كل من تآمر أو خطط أو فكر بتنفيذ أية هجمة بأن عائلته ستدفع ثمنا باهظا جدا على فعلته، وستكون عواقب تلك الأفعال وخيمة وذات امتدادات بعيدة جدا".

وحسب المؤسسات الحقوقية المنظمة للمؤتمر فإن إلغاء الإقامة الدائمة هو الأداة المباشرة الأكثر استخداما حاليا في تهجير الفلسطينيين قسرا من شرقي القدس، وفقد أكثر من 14600 مقدسي حقهم في الإقامة ما بين عامي 1967 و2015 نتيجة استخدام هذه السياسة.

وتكرس الحكومة الإسرائيلية وقتها بالعمل على ضمان أغلبية سكانية يهودية بالقدس عن طريق تهجير الفلسطينيين بخلقها بيئة قهرية تجعل من استمرار بقائهم بالمدينة أمرا مستحيلا، وجرى الإعلان مرارا عن السياسة الحكومية الواضحة التي تسعى للمحافظة على توازن سكاني بنسبة 60% من اليهود و40% من الفلسطينيين داخل حدود بلدية القدس.

المصدر: موقع الجزيرة


عدد القراءات: 44